14 Jun
14Jun

يرى الكثيرون من الطُلاب أن قاعات الدراسة الجامعية هى المكان المُخصص للتأهيل للالتحاق فيما بعد بسوق العمل، ولكنهم يتفاجؤون بعد التخرج من موقف الشركات المرموقة التي لا تقبل تعيينهم لأنهم خريجي هذا الجامعات فقط، ودرسوا المُقررات الدراسية الخاصة بالتخصص، غير مُدركين أنها مُجرد أطروحات أكاديمية غير مُتصلة بالواقع المهني والخبرات العلمية. 

فـ على الجانب الآخر هُناك مقولة إنجليزية شهيرة تقول:- “Soft Skills to Pay the Bills”، فـ على الرغم من كون المهارات القاسية/التقليدية/التقنيةHard skills ، والتى يتم اكتسابها من خلال المناهج والمُقررات الدراسية؛ مهمة لإدارة الدور الوظيفى، كـ الكتابة، الطباعة، استخدام الحاسب، تشغيل المعدات، الرياضيات، اللغات، والعلوم، وسوف يكون لها دومًا مكانتها المرموقة بين الأكاديميين والمهنيين، حيث تُمكن حاملها من إدارة الدور الوظيفي، والقيام بأعمال مُتخصصة كـ الهندسة، الطب، والتجارة.

إلا أن هُناك طلبًا مُتزايدًا بين أصحاب العمل على الخريجين ذوي المهارات الناعمة/اللينة/المصقولة/الشخصية Soft Skills، أو ما قد يُطلق عليها مهارات التوظيف Employability Skills، والتي تعكس سلوك الأشخاص، وتساعد في خلق جو من التفاعل بين الآخرين بطريقة غير ملموسة، كـ الذكاء الاجتماعي، مهارات التواصل، وتنظيم الوقت، والتفاوض، ولا يعتمد اكتسابها على المناهج التعليمية والتقليدية.

حيث تعتبر الـ Soft Skills العامل الأكثر أهمية لمعظم أصحاب العمل، وهي تلك المهارات التي يبحث عنها سوق العمل في الخريجين من البرامج التعليمية المختلفة، وتستخدم للتعامل مع الآخرين، وتشمل مهارات الحياة اليومية، كـ التواصل والتفاعل مع الآخرين، القدرة على التكيف مع الظروف، والرغبة في التعلم من خلال التجربة. 

وحالياً، فإن هناك قناعة تامة لدى أصحاب الأعمال بضرورة أخذ الـ Soft Skills على محمل الجد أكثر من أي وقت مضى، لأنها أصبحت محورية في تحديد عوامل نجاح الأعمال. ففي وقتنا هذا قد يكون لدى المُرشحين للوظائف مجموعة ممتازة من الـHard skills، ولكن بدون مجموعة من الـ Soft Skills المؤهلة لمواجهة صعوبات وضغوطات الانخراط بـ سوق العمل، سوف يكون أصحاب العمل أقل ميلاً لتوظيفهم.

فـ المؤهلات العلمية لم تعُد كافية وحدها للحصول على وظيفة مرموقة، فقد أضحت المهارات الشخصية أكثر أهمية بـ النسبة لأصحاب الأعمال، بعدما وجدوا أن الأشخاص الذين عملوا على تحسين مهارات تعاملهم مع الآخرين أصبحوا أكثر نجاحًا في حياتهم على الصعيدين المهني والشخصي.

غير أن مهارات الـ Soft Skills على الرغم من أهميتها في سوق العمل، إلا أنها مهارات منقوصة لدى خريجي الجامعات، لذا يقضي أصحاب العمل وقتًا طويلًا للبحث عن موظفين أكفاء يمتلكون تلك المهارات الهامة، وينفقون أموالًا طائلة على تدريب الموظفين ليس فقط في مجالات تخص العمل، وإنما في المجالات العامة والمهارات الأساسية.

وهناك خمسة مهارات شخصية مهمة يتطلبها أرباب العمل، ويجب أن يكتسبها الطلاب خلال سنوات الدراسية بالجامعة وذلك بحسب تقرير نشره موقع Usnews، وهي كالتالي:

قابلية العمل الجماعي:

الموهبة تجعلك تفوز بالألعاب، ولكن العمل الجماعي يجعلنا نحصد البطولات.  مايكل جوردان

يُعد التعاون من ضروريات الحياة؛ إذ لا يمكن للفرد أن يقوم بكل أعباء هذه الحياة منفردًا، وعليه تعتبر المهارات التعاونية Collaboration skills أو مهارات العمل مع الآخرين من أكثر المهارات الشخصية أهمية للإنسان، فمعظم التفاعلات الإنسانية ناشئة من التفاعلات التعاونية والعمل الجماعي.

وبما أن الغالبية العظمى من المهن تتطلب التعاون، فـ عليه لابد لطلاب الكليات المُختلفة وخريجيها، أن يكتسبوا المزيد من تلك المهارات، فضلًا عن تقبُل النقد البناء عند العمل مع الآخرين سواء في الكلية وخارجها.

ويمكن للطلاب تطوير المهارات اللازمة للعمل بفعالية وكفاءة وبشكل مناسب مع الآخرين بطرق عديدة، بما في ذلك المشاركة في الألعاب الرياضية، أنشطة الخدمات الطُلابية، الأنشطة اللامنهجية، والتعاون فى مشاريع التخرج خلال السنوات الأخيرة فى الدراسة.

التواصل والعلاقات الشخصية:

أهم عنصر في معادلة النجاح هو فن التعامل مع الناس. ثيودور روزفلت

لا تقلل من شأن مهارات التواصل مع الآخرين، فقد يتم رفضك من قبل شركة طالما حلمت بالعمل بها؛ لمجرد أن صاحب العمل لم يتقبل شخصيتك، أو لأنك فقدت الاتصال الناجح معه، فمثلًا نبرة صوتك، تعبيرات وجهك، طريقة جلوسك، الاستماع الجيد، تقدير الآخرين، وأسلوب حديثك يساهم في قبولك أو رفضك من مكان معين، حتى لو كنت تمتلك خبرة جيدة.

وعلى الرغم من الانتشار الحالى لوسائل الاتصال الحديثة، مما سهل ربط الأفراد الشباب لبعضهم البعض، ولكن العديد من أصحاب العمل يروا أن ذلك قلل أيضًا من قدرتهم على التواصل وجهًا لوجه أو عبر الهاتف. فـ هُناك شكوى عامة بين أصحاب العمل هو أن الشباب حديثي التخرج لا يعرفون كيفية القيام بـ مُحادثة فعالة، ولا يستطيعون القيام بـ طرح الأسئلة، والاستماع بنشاط، والحفاظ على الاتصال بالعين، حيث تعتبر مهارات الاتصال جزءًا لا يتجزأ من نجاح أي شركة، فإذا افتقر الموظف لهذه المهارات، فإن ذلك سينعكس سلبًا على العمل، وسيقلل من فُرص التواصل بينه وبين الآخرين.

حل المشاكل:

البحر الهادئ لا ينشئ بحّارًا ماهرًا. توماس إليوت

بالرغم من أن الطلبة من مختلف الأعمار يفتقرون لمهارة حل المشكلات، فان متطلبات سوق العمل تتطلب أن يمتلك الفرد مهارات عليا فى التفكير؛ لإن التغير الاقتصادي والعلمي المتسارع يمثل تحديات كثيرة، لذلك على الطلبة مواجهة تلك التحديات، وإدراك أهميتها من خلال التدريب على حل المشكلات واتخاذ القرار، بطرق إبداعية علمية مُنظمة تمنع معاودة ظهورها فى المستقبل مع عدم وجود صيغة محددة، فى ظل تحدي محدودية المُساعدات الخارجية وانعدامها أحيانًا كثيرة.

ويمكن للطلاب تحسين قدراتهم على حل المشكلة من خلال التسجيل في فئات التعلم التجريبي بدلًا من التلقين والاستذكار. يجب على الطلاب أيضًا الكفاح من أجل التعامل مع الانتكاسات غير المتوقعة، ومحاولة تعلم الصيغ الجديدة التي وضعتهم في مواقف غير مألوفة، بل وغير مريحة، مثل نادي النقاش أو أولمبياد العلوم.

واليوم هنالك اتجاهات قوية في مجال التعليم لدمج مهارة حل المشكلات كعنصر رئيسي في مكونات المناهج الدراسية، وتدريب الطلاب على أسلوب حل المشكلات يتطلب تعريفهم لمشكلات ترتبط بما يدرسونه من مواد مختلفة، أو لمشكلات تتصل بالحياة الدراسية داخل بيئاتهم.

إدارة الوقت:

الوقت هو الحياة، والحياة هي الوقت. فإذا أضعت وقتك فإنك تضيع حياتك، وإذا سيطرت على وقتك فإنك تسيطر على حياتك. بورتر سوماس

إدارة الوقت Time management تعني أن تتعلم كيف ترتب وقتك وحياتك، حتى لا تكون حياتك أشبه بسفينة تتقاذفها الأمواج، لا تدري أين تذهب وكيف تتجه ولأي هدف تسير، وبالنسبة للموظفين فهي تعني القدرة على تتبع مشاريع متعددة بطريقة منظمة وفعالة، وكذلك ذكاء تحديد أولويات المهام، مما يساعد في التغلب على ضغوط العمل، مع مُراعاة إن إدارة الوقت لا تعني أداء العمل بشكل أكثر سرعة، بقدر ما تعني أداء العمل الصحيح الذي يخدم الأهداف المرجوة وبشكل فعال.

وعليه فاكتساب تلك المهارة غاية الأهمية للطلاب لفترة طويلة بعد التخرج؛ لذا فقد اهتمت الشركات بإدارة الوقت فوضعت له البرامج التوعوية التي يلتحق بها الموظفون من أجل الإحاطة بكل ما يتعلق بها. ويمكن للطلاب تحسين هذه المهارة من خلال تحمل المسؤولية في مجالات متعددة خلال الدراسة الجامعية أو الثانوية، واكتساب خبرة العمل المهنية من خلال التدريب والعمل التطوعي أو غيرها من الفرص.

القيادة:

القادة العظماء يوقظون في نفوس أتباعهم الإيمان بالماضي، والعمل للحاضر، والأمل في غد أفضل. هارولد سيمور

في حين أنه من المهم أن تكون قادرة على العمل في مجموعة، من المهم أيضًا لإظهار مهارات القيادة Leadership Skills عند الضرورة. حيث تشكّل القيادة أهمّ مورد لدينا، فهي المحرّك الذي يدفع بالقطار. لماذا؟ لأنّ القادة هم مَن يجعل الأمور تتحقق. فهم الذين يمتلكون رؤية، ويأخذون المبادرة، ويؤثّرون في الناس، ويقدّمون المُقترحات، وينظّمون الأمور اللوجستية، ويحلّون المشكلات، ويتولّون المتابعة، والأهمّ من ذلك كلّه هم الذين يتحمّلون المسؤولية، ويسمحون للفريق بالعمل لتحقيق أفضل النتائج.

هذا وترغب الشركات على توظيف قادة يلهمون الحماس والولاء والثقة، وليس أتباع. لذا فـ إذا كنتم مشتركين في أي مجموعة أو منظّمة، فستحتاجون إلى بناء وتطوير القيادة من أجل إنجاز أي أمر هام. وتطوير مهاراتكم القيادية لا يساعدكم على إيجاد عمل كبير وجيد فحسب، وإنما يساهم في حصولكم على الترقية في عملكم الحالي، وبالتالي يجب أن يكون هدف الطلاب فى هذه المنطقة من التطوير الاحترافي، أن يكون معرفة وإحراز أكبر قدر ممكن من صفات القيادة الفعالة، وأن يتعرفوا على الأنماط المختلفة للقيادة وكيف ومتى تطبق كل منها.

وأخيرًا، يجب على الطلاب الجامعيين أستغلال سنوات الدراسة فى اكتساب بعض المهارات الشخصية، والتي تُمهد لهم الطريق للحياة المهنية، حتى يكونوا مؤهلين بقوة للالتحاق بسوق العمل بعد التخرج.

ويمكنهم أن يكتسبوا المزيد من تلك المهارات بطرق عديدة، بما في ذلك المشاركة في الألعاب الرياضية، أنشطة الخدمات الطُلابية، الأنشطة اللامنهجية، والتعاون في مشاريع التخرج خلال السنوات الأخيرة في الدراسة، والحصول على تدريب الإعداد المهني، والانخراط مع الأساتذة للحصول على المراجع والتوصيات المهنية، والاشتراك بالمعارض الداخلية، ورش عمل، رحلات خارجية، والمبادرات المجتمعية.

فتلك الأنشطة الطلابية التي تساعد على اكتساب الخبرة والتدريب العملي، وتثقف الطلاب بالمعلومات والتعليم، وتعرفهم بأهمية استغلال الوقت والمسؤولية والإدارة، وتعمل على تقوية العلاقات الاجتماعية، والارتقاء بالمستوى الفكري والعلمي للمشاركين فيها؛ لأنها مرتبطة بالحياة العملية والمهنية وبأرض الواقع خارج قاعات الدراسة، مما يسهم في نضج الشخصية، وزيادة معرفتهم بالعالم خارج أسوار الجامعة، فيستطيعون التعامل بسهولة مع مكونات سوق العمل.



تم عمل هذا الموقع بواسطة